* محركات القلوب إلى الله -عز وجل-.
قال شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه [مجموع الفتاوى]: اعلم أن محركات القلوب إلى الله عز وجل ثلاثة: المحبة، والخوف، والرجاء، وأقواها المحبة، وهي مقصودة تراد لذاتها، لإنها تراد في الدنيا والآخرة، بخلاف الخوف فإنه يزول في الآخرة، قال الله تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}، والخوف المقصود منه الزجر، والمنع من الخروج عن الطريق، فالمحبة تلقى العبد في السير إلى محبوبه، وعلى قدر ضعفها وقوتها يكون سيره إليه، والخوف يمنعه أن يخرج عن طريق المحبوب، والرجاء يقوده، فهذا أصل عظيم يجب على كل عبد أن يتنبه له، فإنه لا تحصل له العبودية بدونه، وكل أحد يجب أن يكون عبدآ لله لا لغيره، فإن قيل فالعبد في بعض الأحيان قد لا يكون عنده محبة تبعثه على طلب محبوبه فأي شيء يحرك القلوب؟، قلنا يحركها شيئان: أحدهما كثرة الذكر للمحبوب، لإن كثرة ذكره تعلق القلوب به، ولهذا أمر الله عز وجل بالذكر الكثير فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرآ كثيرآ وسبحوه بكرة وأصيلآ}. والثاني: مطالعة آلائه ونعمائه، قال الله تعالى: {فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون}، وقال تعالى: {وما بكم من نعمة فمن الله}، وقال تعالى: {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة}، وقال تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}، فإذا ذكر العبد ما أنعم الله به عليه من تسخير السماء والأرض، وما فيها من الأشجار والحيوان، وما أسبغ عليه من النعم الباطنة من الإيمان وغيره، فلا بد أن يثير ذلك عنده باعثآ، وكذلك الخوف تحركه مطالعة آيات الوعيد، والزجر والعرض والحساب، ونحوه، وكذلك الرجاء يحركه مطالعة الكرم والحلم والعفو.
والله -سبحانه وتعالى- أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق