.

.
الحق والعلم والعدل في النقد من يرد الله به خيرا يفقه في الدين حقيقة اليقين أهل السنة والجماعة مدونة شباب الخيرالسلفية

08 مايو 2014

ماذا تريد الصحافة والإعلام من دعاة الإسلام ؟


ماذا تريد الصحافة والإعلام من دعاة الإسلام ؟


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الكرام
أما بعد :
فقد جاء عن الإمام مقبل بن هادي الوادعي ـ رحمه الله ـ في جلسته مع الصحفي الألماني أنه قال: ((فإن الغالب على الصحفيين أنّهم يتلونون، فهم يمدحون الحكام من أجل أن يعطوهم أموالاً، وربما يقلبون الحقائق ويهاجمون أهل العلم، فلا بد أن يكون الشخص ذا مبدأ صادق ولا يبالي بمن خالف، أما إذا كان يتلون فحتى صحيفته لن يطمئن الناس إليها، لأنّها قد أصبحت كذابة ومع المادة )) ([1])
وقال بعد هذه الجلسة في اليوم التالي : ((وبما أن هذا الزائر ادعى أنه صحفي، وغالب ظني أنه جاسوس وليس بصحفي، على أن الصحفيين يجوز أن يكون غالبهم جواسيس، ففي ذات مرة أتاني شخص من اليمنيين قد علق كاميرا التصوير، وقال: أنا صحفي أريد أن ألقي معك مقابلة، فأريد أن تخبرني بكتبك التي ألفتها، وبحالة الدعوة، وهكذا، ثم تحدثنا قليلاً، فقال: أنا أقول لك بالمفتوح الآن مع أزمة الخليج وكان هذا في أيام أزمة الخليج من أين يأتيكم المال؟ فلعلكم قد تعطلتم من المال، فإذا كان قد حصل هذا فسنطلب من الحكومة أن تساعدكم. فقلنا: له: لا، نحن بخير والحمد لله.
وفي مرة أخرى أتاني أربعة أو خمسة في المكتبة القديمة وقالوا: نحن صحفيون، فهذا مندوب وزارة الإعلام، وهذا مندوب صحيفة كذا، وهذا مندوب لجريدة كذا، فقلت لهم: لا أدري أصحفيون أنتم أم جواسيس؟ فقالوا: هكذا. قلت: نعم. فقالوا: إذًا نترك المقابلة. فقلت: اتركوها. ثم رأيت واحدًا منهم في صعدة.
فالغالب عليهم أنّهم يريدون أن يفتنوا بين الدعاة إلى الله، وبين الدعاة إلى الله والحكومات وكذلك مسألة الكذب فأحدهم مستعد أن يكذب ولا يبالي، وعدم الصراحة، وربنا يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ الله كان بما تعملون خبيرًا}.
وإذا كانت مجلة "الفرقة" والتي يزعم أصحابها أنّهم من الدعاة إلى الله وهم في الواقع من المحاربين للسنة، ومن أكذب الناس، فما ظنك بشخص علماني، الله أعلم أهو يهودي أو نصراني أو شيوعي، فهل يأتي من كان بعيد لينشر لنا الإسلام؟!!
 وهناك في كتاب "المصارعة" فصل بعنوان: جلسة قصيرة مع عميان البصيرة. أنصح بقراءته عند أن جاءنا خمسة عشر صحفيًا، وكنا نظن أنّهم سينقلون الحقيقة والواقع فإذا هم يكذبون إلا من رحم الله منهم ...
فمن الذي يصدقهم أو يصدق جرائدهم، أو أنّهم يريدون نشر الحقيقة، فأنصح نفسي وإخواني أنه إذا أتى صحفيون ألاّ نضيع وقتنا معهم، فهم يفرحون بالكلمة يختطفونها.
فيجب على أهل السنة أن يحمدوا الله سبحانه وتعالى الذي رفع شأنهم وقدرهم وجعل أمريكا وإسرائيل تهاب منهم.
وقد كان من جملة الأسئلة التي عرضها هذا الصحفي أن قال: كيف التدريبات العسكرية عندكم؟
فقلت له: ليس لدينا وقت لهذا، وهي ليست محرمة علينا، فإن الله عز وجل يقول: {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم }.
ثم سأل عن الجهاد والقتال والخروج على الحكام، فقلت له: إن الخروج على الحكام يعتبر فتنة، لكن يجب على المسلمين أن يعدوا أنفسهم لقتال الكفار، فقال: مثل من؟ فقلت: مثل اليهود والنصارى والعلمانيين والشيوعيين، فقال: ومتى يكون ذلك؟ فقلت: إذا عرف المسلمون أمور دينهم وتمسكوا بالكتاب والسنة.
والشريط من فضل الله كله عليه، ولكنه كما قلت ضياع وقت؛ فنحن طلبة علم وجلوسنا مع الزائرين المسلمين أنفع للإسلام والمسلمين، فربما يأتينا أخ من أقصى حضرموت، فأقول له أنا مشغول، أو من الحديدة، وأقول كذلك: أنا مشغول.
فأنا أقول: إنني ما أنصفت الزائرين، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إنّ لزورك عليك حقًّا)). فينبغي أن نجعل لإخواننا الزائرين وقتًا فهم أحق بهذا، والله سبحانه وتعالى يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين }.
فينبغي أن نكون متحابين حتى ينفع الله بدعوتنا، وإذا زارنا الزائر ورآنا متحابين يؤثر بعضنا بعضا ويشفق بعضنا على بعض فهذه تعتبر دعوة )) ا.هـ ([2])
وقال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ : (( .. كان لي من كلمة أقولها بهذه المناسبة فهي أنه قد اتصل بي بعض التجار الصحفيين محاولا أن يجرني بكلمات معسولة إلى الدخول في حلبة الرد على المخالفين ، وذلك بأن يفرد لي كما قال زاوية خاصة ! وكنت أود لو كان عندي فراغ من الوقت أن أستجيب لتلك الرغبة ، لولا يقيني أن جل هذه الصحف إن لم أقل كلها لا يهمها إحقاق الحق أو إبطال الباطل ، بل هي تنشر كل ما هب ودب مما هو ظاهر البطلان .
ولا أدل على ما قلت من نشر إحدى هذه الصحف مقالة ذاك المجاهد المزعوم والناشر لصورتي اختلاسا حيث عنون ـ هو أو القائم على النشر وأحلاهما مر ـ المقال المشار إليه ، وبالحرف الكبير :" الألباني كان من الإخوان المسلمين " ([3]!!
والقاصي والداني يعلم أننا لا نؤيد كل هذه التكتلات الحزبية بل نعتقد أنها مخالفة لنصوص الكتاب والسنة ..
إلى غير ذلك من أكاذيبه وافتراءاته .
ومما حملني على الامتناع عن خوض هذا المعترك الصحفي أنني كنت دخلت في تجربة مماثلة مع بعض الصحف منذ بضع سنين حينما نشرت أربع المقالات متتابعة في بعض الجرائد ردا على أحد الكتاب المعتدين على السنة ، وإذا بي أفاجأ بامتناع صاحب الجريدة على الاستمرار في نشر بقية الرد !!
ومثل هذه التجربة كثير وكثير )) ([4])
قال مقيده ـ عفا الله عنه ـ : إن في كلام الإمامين المحدثين ناصر الدين الألباني ومقبل بن هادي الوادعي ـ رحمهما الله ـ تجليت لحقيقة الصحافة وعمالها وبيان مناخ جوها السائد فيها ، فمما نستخلصه من كلامهما من الفوائد العلمية والتوجيهات التربوية .
الأولى : إن غالب على الصحافة والصحفيين طابع التجارة والمادة وجمع الأموال ولو بالكذب والتلون وجعل الباطل حقا والحق باطلا وقلب الحقائق بل هذا هو ماء حياتها  كما هو الواقع المشاهد ، فهي ما قامت إلا لخدمة مصلحتها والنظر في ذاتها ، ومن كان كذلك لا يهمه الإسلام ولا مصلحة أهله وإن تظاهروا بنصرته والدفاع عنه وطلب حقوق أهله  .
الثانية : إن الصحافة قائمة على إثارة الفتن في المسلمين والتنقيب والتفتيش عن الخلاف الموجود بين أهل الإسلام ، وخاصة ما كان بين أهل العلم ودعاته ، فيخرجونه من زاويته الضيقة إلى عالم العوام ، فيكونون بعملهم هذا قد غذوا مادة هذا الخلاف ووسعوه ونشروه بين من لا يحسن التعامل معه ولا عرف أسباب حدوثه ، ولا عرف المحق من المبطل في هذا الخلاف والاختلاف ، فيخوض فيه الجاهل وغير المبصر والخبير بواقع هذا الخلاف ومن هب ودب ويتكلم فيه كل أحد مما يزيده انتشارا وتوسعة ، ويخفى معه الحق كما هو الواقع المشاهد .
وهذا ما يريده العدو اليهودي والنصراني من هذه الصحافة ووسائل الإعلام .
جاء في كتاب ( الخطر اليهودي بروتوكولات حكماء صهيون)(ص: 140) ، " البروتوكول السابع " من بروتوكولات حكماء صهيون : (( يجب أن ننشر في سائر الأقطار الفتنة والمنازعات والعداوات المتبادلة. فإن في هذا فائدة مزدوجة: فأما أولاً فبهذه الوسائل سنتحكم في أقدار كل الأقطار التي تعرف حق المعرفة أن لنا القدرة على خلق الاضطرابات كما نريد، مع قدرتنا على إعادة النظام ))
وجاء في ( ص 159 ـ 166 ) ،" البروتوكول الثاني عشر " :(( وسنعامل الصحافة على النهج الآتي: ما الدور الذي تلعبه الصحافة في الوقت الحاضر؟
إنها تقوم بتهييج العواطف الجياشة في الناس، وأحياناً بإثارة المجادلات الحزبية الأنانية التي ربما تكون ضرورية لمقصدنا. وما أكثر ما تكون فارغة ظالمة زائفة، ومعظم الناس لا يدركون أغراضها الدقيقة أقل إدراك ، إننا سنسرجها وسنقودها بلجم حازمة. ))
قلت : قد تجلت هذه الحقيقة المرة في بعض الجرائد والصحف والقنوات التي تستضيف على مائدتها بعض الدعاة بغض النظر عن سلامة منهجهم واستقامة سلوكهم وغزارة مادة علمهم ، فتحاورهم وتفرض عليهم الإجابة على بعض أسئلتها التي تحتوي على السخرية والاستفزازات بأصول المنهج السلفي وأئمته الأخيار الأحياء منهم والأموات ، والمصيبة أن ذاك المستضيف لا يتحرك إلا بإيعازهم ، وتضييق الكلام عليه والحيدة مما يكون سببا في إخفاء الحق وعدم إظهاره ([5]!!!
ومن ذلك إني نبهت أن أحدهم ([6]) استضفته قناة الشروق الجزائرية على مائدتها على المباشر ، وهو ممن يدعي السلفية ومنهج أهل الحديث والأثر شكلا ولقبا ويخالفه تمسكا وعملا فرأيت منه من التلون والتحول والتذبذب والذوبان والانهزامية والمين ما يندى له الجبين، وإن كان هذا ليس بغريب على من عرفه وخبره .
ففي هذه الحصة أستغله أهل الفساد أيما استغلال ، ففيها سوى العيد شريفي الضال المبتدع بفضيلة الشيخ المفتي علي فركوس السني في الرتبة والمنزلة !!!
وميّع مسألة الجمعيات والانتخابات !!!
وطمس رونق الولاء والبراء الذي يتميز به أهل السنة والجماعة في معاملتهم لأهل الفرقة والبدعة .
وحكم على عدة مسائل تكلم فيها الإمام ربيع المدخلي وغيره من علماء الأمة وحكموا عليها بالبدعة والمخالفة وفصلوا فيها القول ، بأنها مسائل اجتهادية ، يحق هو وغيره من أهل البدع والأهواء الذين قالوا بها أن يخالفوا فيها أولئك العلماء الأجلاء .
وإلى غير ذلك من الضلالات والسفسطائيات التي سجلها على نفسه في تلك الحصة وغيرها مما تحكم عليه بالضلال والضياع والانصهار مع الفساد .
وأيضا مما يلحق بهذه الجرائد والقنوات التي تثير الفتنة بين المسلمين ما هو حادث في المنتديات الإلكترونية من نشر الخلاف وإثارة النزاعات بين طلبة العلم وتنقيب عن ما يغذي تلك النزاعات والخصومات حتى أصبحت هذه المنتديات أوكار السباب والشتائم واللعن والتكفير والتبديع والتفسيق ، فكل جماعة تلعن أختها وتبدعها وتفسقها وتقول أنا على الحق وعلى السنة وهي على المخالفة والبدعة ، وإذا رأيت وتأملت في مقالاتهم تجدها عارية من العلم والحوار العلمي النقي الذي يكسوه الآداب والانقياد للحق واحترام الخلق .
وكثير من هذه الصراعات والمنازعات بين أهل هذه المنتديات إذا حققت فيها تجد منشأها حظوظ النفس ورعوناتها يظهرها أصحابها في قالب الديانة والنصيحة  وهي أقربها إلى الفضيحة ، وهذا بخلاف مناقشات وردود علماء الحديث والجرح والتعديل من أمثال الألباني وابن باز ومقبل الوادعي وآمان الجامي والنجمي وربيع المدخلي وعبدالمحسن العباد والفوزان وغيرهم من العلماء المعاصرين والسلف تجدها مكسوة بالعلم والأدلة والآداب ، نقية من الشتائم والسباب ، مما تستوضح لك براءة منهج أولئك الأئمة الكرام من فعال هؤلاء الطغام .
قال فضيلة الشيخ المبجل محمد بن عبدالله الإمام ـ حفظه الله ورعاه ـ في كتابه " الإبانة"( 232 ـ 233 )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/ 236 ـ 238) : (( فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَغْتَابُ مُوَافَقَةً لِجُلَسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ وَعَشَائِرِهِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ الْمُغْتَابَ بَرِيءٌ مِمَّا يَقُولُونَ أَوْ فِيهِ بَعْضُ مَا يَقُولُونَ؛ لَكِنْ يَرَى أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ قَطَعَ الْمَجْلِسَ وَاسْتَثْقَلَهُ أَهْلُ الْمَجْلِسِ وَنَفَرُوا عَنْهُ فَيَرَى مُوَافَقَتَهُمْ مِنْ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ وَطِيبِ الْمُصَاحَبَةِ وَقَدْ يَغْضَبُونَ فَيَغْضَبُ لِغَضَبِهِمْ فَيَخُوضُ مَعَهُمْ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الْغِيبَةَ فِي قَوَالِبَ شَتَّى. تَارَةً فِي قَالِبِ دِيَانَةٍ وَصَلَاحٍ فَيَقُولُ: لَيْسَ لِي عَادَةً أَنْ أَذْكُرَ أَحَدًا إلَّا بِخَيْرِ وَلَا أُحِبُّ الْغِيبَةَ وَلَا الْكَذِبَ؛ وَإِنَّمَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحْوَالِهِ. وَيَقُولُ: وَاَللَّهِ إنَّهُ مِسْكِينٌ أَوْ رَجُلٌ جَيِّدٌ؛ وَلَكِنْ فِيهِ كَيْت وَكَيْت. وَرُبَّمَا يَقُولُ: دَعُونَا مِنْهُ اللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَهُ؛ وَإِنَّمَا قَصْدُهُ اسْتِنْقَاصُهُ وَهَضْمٌ لِجَانِبِهِ. وَيُخْرِجُونَ الْغِيبَةَ فِي قَوَالِبَ صَلَاحٍ وَدِيَانَةٍ يُخَادِعُونَ اللَّهَ بِذَلِكَ كَمَا يُخَادِعُونَ مَخْلُوقًا؛ وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْهُمْ أَلْوَانًا كَثِيرَةً مِنْ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْفَعُ غَيْرَهُ رِيَاءً فَيَرْفَعُ نَفْسَهُ فَيَقُولُ: لَوْ دَعَوْت الْبَارِحَةَ فِي صَلَاتِي لِفُلَانِ؛ لَمَا بَلَغَنِي عَنْهُ كَيْت وَكَيْت لِيَرْفَعَ نَفْسَهُ وَيَضَعَهُ عِنْدَ مَنْ يَعْتَقِدُهُ. أَوْ يَقُولُ: فُلَانٌ بَلِيدُ الذِّهْنِ قَلِيلُ الْفَهْمِ؛ وَقَصْدُهُ مَدْحُ نَفْسِهِ وَإِثْبَاتُ مَعْرِفَتِهِ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْمِلُهُ الْحَسَدُ عَلَى الْغِيبَةِ فَيَجْمَعُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَبِيحَيْنِ: الْغِيبَةِ وَالْحَسَدِ. وَإِذَا أَثْنَى عَلَى شَخْصٍ أَزَالَ ذَلِكَ عَنْهُ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ تَنَقُّصِهِ فِي قَالِبِ دِينٍ وَصَلَاحٍ أَوْ فِي قَالِبِ حَسَدٍ وَفُجُورٍ وَقَدْحٍ لِيُسْقِطَ ذَلِكَ عَنْهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الْغِيبَةَ فِي قَالِبِ تمسخر وَلَعِبٍ لَيُضْحِكَ غَيْرَهُ بِاسْتِهْزَائِهِ وَمُحَاكَاتِهِ وَاسْتِصْغَارِ الْمُسْتَهْزَأِ بِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الْغِيبَةَ فِي قَالِبِ التَّعَجُّبِ فَيَقُولُ تَعَجَّبْت مِنْ فُلَانٍ كَيْفَ لَا يَفْعَلُ كَيْت وَكَيْت وَمِنْ فُلَانٍ كَيْفَ وَقَعَ مِنْهُ كَيْت وَكَيْت وَكَيْفَ فَعَلَ كَيْت وَكَيْت فَيُخْرِجُ اسْمَهُ فِي مَعْرِضِ تَعَجُّبِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْرِجُ الِاغْتِمَامَ فَيَقُولُ مِسْكِينٌ فُلَانٌ غَمَّنِي مَا جَرَى لَهُ وَمَا تَمَّ لَهُ فَيَظُنُّ مَنْ يَسْمَعُهُ أَنَّهُ يَغْتَمُّ لَهُ وَيَتَأَسَّفُ وَقَلْبُهُ مُنْطَوٍ عَلَى التَّشَفِّي بِهِ وَلَوْ قَدَرَ لَزَادَ عَلَى مَا بِهِ وَرُبَّمَا يَذْكُرُهُ عِنْدَ أَعْدَائِهِ لِيَشْتَفُوا بِهِ. وَهَذَا وَغَيْرُهُ مِنْ أَعْظَمِ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ وَالْمُخَادَعَاتِ لِلَّهِ وَلِخَلْقِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُظْهِرُ الْغِيبَةَ فِي قَالِبِ غَضَبٍ وَإِنْكَارِ مُنْكَرٍ فَيُظْهِرُ فِي هَذَا الْبَابِ أَشْيَاءَ مِنْ زَخَارِفِ الْقَوْلِ وَقَصْدُهُ غَيْرُ مَا أَظْهَرَ. وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. )) ا.هـ
قال الشيخ محمد معلقا : لقد أجاد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في إيضاحه لمجال المغتابين فما على المنصف إلا أن يضع الأمور في مواضعها ويترك التخبط ، فلولا عناية أئمة الجرح والتعديل ببيان أخطاء الرواة وأهل البدع والتحزب لما تميز حق من باطل ولا سنة من بدعة ولا عدل من فاسق ولا صادق من كاذب ولا عالم من منجم ولا متق من فاجر ، فلله در أئمة الجرح والتعديل ، ما أعظم وظيفتهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وأما الأغمار الذين يتسلقون إلى مرتقى صعب فيجرحون ويعدلون وليسوا أهلا لذلك فهؤلاء لا يفلحون فقد قال شيخنا الوادعي في فالح الحربي الذي أقدم على الجرح بدون ضوابط معتبرة وبدون قواعد محررة : لا يفلح .ا.هـ
قلت ( بشير) : إن كثيرا من الأغمار الذين عناهم الشيخ محمد في كلامه الأخير ممن تصدروا الكلام في الرجال والمسائل العلمية هم بحاجة إلى التربية والآداب الشرعية والتهذيب وإلى العلم الذي يزكو به صاحبه ويعلو عند الله وبحاجة إلى المعالجة والرعاية ، ومن كان كذلك فما عليه إلا أن يتفقد نفسه ويسع في إصلاحها وتنقيتها مما يعيب به غيره ، وفحصها ومعالجتها مما يشوبها من الأمراض والأوبئة ، والعبد مطالب بإصلاح نفسه قبل غيره .
وأعلم يا أُخي إن هذه الدعوة السلفية الأثرية وهذا العلم والإيمان الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، هو حرب للمتعالي كما أن السيل حرب للمكان العالي لا يطيقه الباغي وصاحب الهوى والمتكبر والحاسد والجاهل والمتعالم وسيئ الأخلاق مع الله ورسوله وخلقه بصفة عامة ، إنما يطيقه ويثبت فيه إلا من عرفه حق المعرفة واستنار به وعمل به .
قال الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى (7/ 625 ـ 626) : (( إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدّ فَسَّرَ الْكِبْرَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ بِأَنَّهُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنًا أَفَمِنْ الْكِبْرِ ذَاكَ؟ فَقَالَ: لَا إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَلَكِنَّ الْكِبْرَ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ} وَبَطَرُ الْحَقِّ جَحْدُهُ وَدَفْعُهُ وَغَمْطُ النَّاسِ احْتِقَارُهُمْ وَازْدِرَاؤُهُمْ. وَكَذَلِكَ ذَكَرَ اللَّهُ " الْكِبْرَ " فِي قَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ قَالَ: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} إلَى أَنْ قَالَ: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا} .
وَهَذَا حَالُ الَّذِي لَا يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ بَلْ يَتَّبِعُ هَوَاهُ وَهُوَ الْغَاوِي كَمَا قَالَ: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} الْآيَةَ وَهَذَا مِثْلُ عُلَمَاءِ السُّوءِ وَقَدْ قَالَ لَمَّا رَجَعَ مُوسَى إلَيْهِمْ: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} فَاَلَّذِينَ يَرْهَبُونَ رَبَّهُمْ؛ خِلَافُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}
فَأُولَئِكَ الْمُسْتَكْبِرُونَ الْمُتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ مَصْرُوفُونَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَعْلَمُونَ وَلَا يَفْهَمُونَ لَمَّا تَرَكُوا الْعَمَلَ بِمَا عَلِمُوهُ اسْتِكْبَارًا وَاتِّبَاعًا لِأَهْوَائِهِمْ عُوقِبُوا بِأَنْ مُنِعُوا الْفَهْمَ وَالْعِلْمَ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ حَرْبٌ لِلْمُتَعَالِي كَمَا أَنَّ السَّيْلَ حَرْبٌ لِلْمَكَانِ الْعَالِي وَاَلَّذِينَ يَرْهَبُونَ رَبَّهُمْ عَمِلُوا بِمَا عَلِمُوهُ فَأَتَاهُمْ اللَّهُ عِلْمًا وَرَحْمَةً إذْ مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ أَوْرَثَهُ اللَّهُ عِلْمَ مَا لَمْ يَعْلَمْ )) ا.هـ
وقال في رده على الشاذلي(ص: 207) : (( وكثير من المنتسبين إلى العلم يُبتلى بالكِبْر كما يُبتلى كثيرٌ من أهل العبادة بالشرك ولهذا فإن آفة العلم الكِبْر وآفة العبادة الرياء وهؤلاء يُحْرَمون حقيقة العلم كما قال تعالى {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ }[الأعراف 146] .
قال أبو قِلابة : "منع قلوبَهم فهم القرآن " ،  ولهذا كان الكِبْر كثيرًا في اليهود وأشباه اليهود الذين يعلمون الحقَّ ولا يتبعونه والشرك كثير في النصارى وأشباه النصارى الذين يعملون ويعبدون بغير علم.
والمهتدون هم الذين يعلمون الحق ويعملون به كما قال تعالى :{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}[الفاتحة 6-7] .
وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :"اليهود مغضوبٌ عليهم والنصارى ضالون "
ولا يحصل اتباع الصراط المستقيم إلا بالعلم الواجب والعمل اللذين يُتَّبَع فيهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا بدَّ من عِلْم ولا بدَّ من عمل وأن يكون كلاهما موافقًا لما جاء به الرسول ، فيجب العلم والعمل والاعتصام بالكتاب والسنة ولهذا قال من قال مِنَ السلف : " الدين قولٌ وعملٌ وموافقة السنة "
ولفظ بعضهم :لا ينفع قولٌ إلا بعمل ولا ينفع قولٌ وعملٌ إلا بمتابعة السنة ، وقد قال تعالى :{ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر 10] .
ولهذا كان مذهب الصحابة وجماهير السلف من التابعين لهم بإحسان وعلماء المسلمين أن الإيمان قولٌ وعمل أي قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح. )) ا.هـ
الثالثة : إن من الصحفيين هم عملاء وجواسيس يعملون لحساب منظمات وهيئات ومؤسسات عدوة للإسلام ، يريدون من دعاة الإسلام وخاصته أن يعرفوا أسراره وما يدور بداخله من الأحداث والتغيرات من ألسنتهم ، فليكن طلبة العلم والدعاة على حذر من هؤلاء ، وإنْ ابتلوا بهم فليظهروا نقاوة الدعوة السلفية ويصدعوا بأصولها الحكيمة كما صنع الإمام مقبل الوادعي مع الصحفي الألماني ، لا أن يميعوا أصولها كما فعل الذي استضفته قناة الشروق
الرابعة : غايتهم من استضافتهم للدعاة وإجراء اللقاءات والمحدثات معهم ليوقعوا بينهم وبين حكامهم العداوة ويشوه سمعتهم عند العامة ، وهذا من جهلهم وغبائهم يظنون أن الدعوة السلفية تصادم الحكام والعامة ، وما علموا أنها رحمة لهم وجاءت لتمنحهم العز والسيادة والتمكين والنجاة والفلاح في الدنيا والآخرة إن هم انقادوا لها واستسلموا لأحكامها .  
الخامسة : مما يستفاد من كلام الشيخين أن على أهل العلم وطلبته أن يصونوا العلم ويضعوه في مواطنه ومواضعه وينشروه بين أهله ويبذلوه لمن يستحقه ويعظمه ويحترمه ويحترم أهله ، لا أن يضعوه ويبذلوه عند من يريد أن يتجر به ويشغب عليهم ويريد أن يخدم به مصلحته ، فيأخذ منه ما يخدم مصلحته ويرد ما لا يخدم مصلحته .
قال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : (( لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوا الْعِلْمَ وَوَضَعُوهُ عِنْدَ أَهْلِهِ لَسَادُوا أَهْلَ زَمَانِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ وَضَعُوهُ عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْيَا لِيَنَالُوا مِنْ دُنْيَاهُمْ فَهَانُوا عَلَيْهِمْ )) ([7])
قال الإمام مالك :  (( طَارِحُ الْعِلْمِ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ كَطَارِحِ الزِّبَرْجَدِ لِلْخَنَازِير )) ([8])
قال كثير بن مرة :  (( إِنَّ عَلَيْكَ فِي عِلْمِكَ حَقًّا كَمَا أَنَّ عَلَيْكَ فِي مَالِكَ حَقًّا، لَا تُحَدِّثِ الْعِلْمَ غَيْرَ أَهْلِهِ فَتَجْهَلَ وَلَا تَمْنَعِ الْعِلْمَ أَهْلَهُ فَتَأْثَمَ، وَلَا تُحَدِّثْ بِالْحِكْمَةِ عِنْدَ السُّفَهَاءِ فَيُكَذِّبُوكَ وَلَا تُحَدِّثْ بِالْبَاطِلِ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ فَيَمْقُتُوكَ )) ([9])
السادسة: إن غالب على تلك الجلسات واللقاءات التي يعقدها الصحافيون مع الدعاة على المباشر وتبث على الملأ وعلى أنظار العوام والجهلة يسودها الجدال والمعاركة ويطرح فيها الشبه والشكوك التي تضر بقلوب العوام  ، فإنه إن لم تكن في تلك الجلسات إلا هذه الآفة السيئة التي كانت سببا في ظهور البدع وانتشارها بين العامة لكفاها تركا وسقوطا لما يترتب عليها من الأضرار ومخالفة منهج أهل السنة والجماعة ومخالفة قواعده ومن ذلك دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح ، والمصيبة العظمة والفاجعة الكبرى إذا كان ذلك المستضيف المحاور هزيلا في البنية العلمية ، ناقصا للحنكة والخبرة ، جاهلا بالواقع وكيفية معالجة الأحداث والنوازل التي نزلت بالأمة بالمنظور الشرعي الصحيح ، فيقع في الخبط والخلط والكلام بغير علم ودراية في هذا الواقع والأحداث مما يكون سببا في الطعن في المنهج السلفي ونسبة مرجعته المحترمة الموقرة إلى الجهل والانفصال عن الواقع والتخلف ، فيهزم ويخفى من الحق على يديه ما الله به عليم والله المستعان .
قال الإمام اللالكائي : ((فما جني على المسلمين جناية أعظم من مناظرة المبتدعة، ولم يكن قهر ولا ذل أعظم مما تركهم السلف على تلك الجملة يموتون من الغيظ كمدا ودردا، ولا يجدون إلى إظهار بدعتهم سبيلا، حتى جاء المغرورون ففتحوا لهم إليها طريقا وصاروا لهم إلى هلاك الإسلام دليلا ، حتى كثرت بينهم المشاجرة وظهرت دعوتهم بالمناظرة وطرقت أسماع من لم يكن عرفها من الخاصة والعامة حتى تقابلت الشبه في الحجج وبلغوا من التدقيق في اللجج فصاروا أقرانا، وأخدانا، وعلى المداهنة خلانا وإخوانا بعد أن كانوا في الله أعداء وأضدادا وفي الهجرة في الله أعوانا يكفرونهم في وجوههم عيانا ويلعنونهم جهارا، وشتان ما بين المنزلتين، وهيهات ما بين المقامين.)) ([10])
قال الإمام أبومحمد ابن أبي زيد: (( ذهب العلماء، وذهبت حرمة الإسلام وحقوقه، وكيف يبيح المسلمون المناظرة بين المسلمين وبين الكفار؟ وهذا لا يجوز أن يفعل لأهل البدع الذين هم مسلمون ويقرون بالإسلام، وبمحمد عليه السلام، وإنما يدعى من كان على بدعة من منتحلى الإسلام إلى الرجوع إلى السنة والجماعة، فإن رجع قبل منه، وإن أبى ضربت عنقه؛ وأما الكفار فإنما يدعون إلى الإسلام، فإن قبلوا كف عنهم، وإن أبو وبذلوا الجزية في موضع يجوز قبولها كف عنهم، وقبل منهم، وأما أن يناظروا على أن لا يحتج عليهم بكتابنا، ولا بنبينا، فهذا لا يجوز؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون .)) ([11])
سئل العلامة محمد بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ورعاه ـ :  أحسن الله إليكم هل يجوز مجادلة الروافض في القنوات الفضائية أمام الملأ ؟
فأجاب : هذا الذي سمعناه لا فائدة فيه ، وإن وجدت فائدة فهي قليلة ، وربما بعض الأحيان مترتبة على قوة المناظر وكثيرا ممن يخرجون في هذا يضعفون على الرد هذا باب
وأنا أقول : مثل هذا لا يجوز للأتي اسمعوه منه :
في مثل هذه القنوات أو الفضائيات ترويج لباطل أهل الباطل ، ونشر لعقائدهم وشبههم ، بينما كثير من أهل السنة ومن الناس لا يعرفون شبههم ، فأنت في مثل هذه المجالس أو المحافل تساعد على نشر باطلهم ، فيسمعه الناس جميعا ، وربما علقت الشبهة ، بل في كثير من الأحيان تعلق الشبهة بالقلوب ولا يستطيع السامع أن يتخلص منها ، حتى و لو كان الرد قويا ، لكن الشبه خطافة والقلوب ضعيفة ، فكيف إذا كان المناظر ضعيفا ، فلأجل هذا أنا أقول : لا يجوز ، والمناظرة لهؤلاء إنما تكون مع العلماء لإقامة الحجة عليهم ، فإن رجعوا فذاك ، هم الذين يبينون للناس أنهم رجعوا عن باطلهم وهذا أبلغ في أصحابهم وأقوامهم ، وإن لم يرجعوا كنا قد صنا أبناء الإسلام وأهل الإسلام عن سماع عن مثل هذا ، ثم نحن ما علمنا يوم من الأيام أن المناظرات كانت على هذا النحو ، وإنما المناظرات الشرعية الصحيحة تكون بأمر الإمام ، بأمر السلطان في محفل يجتمع له ويحكمه العلماء ، أما هذه الطرائق فليست بصحيحة . ا.هـ ([12])
السابعة : إن غالب على أولئك الصحفيين الجهل بالدين ، فهم محتاجون إلى الدعوة وإلى من يبصرهم بدينهم ويدعوهم إلى التوحيد والاستمساك بالسنة لا أن يجاروا على باطلهم وتشبع رغباتهم ، ولنا في الإمام مقبل الوادعي ـ رحمه الله ـ قدوة وأسوة حيث أنه أنتهز الفرصة ودعا ذلك الصحفي الألماني إلى الإسلام ، فالأمة بمشارقها ومغاربها ، بحاكمها ومحكومها محتاجة إلى دعوة أهل السنة والحديث وإلى بيان مزايا هذه الدعوة المحمدية المباركة ، والصدع والصراخ بالحق ، وإيصال الحق إليهم ، والإلقاء على مسامعهم أن دعوتنا ظاهرها كباطنها وأنها مبنية على الرحمة وعلى ما ينفع الخلق في المعاش والمعاد ، وأنها تنفي كل ما يضر بدينهم ودنياهم ، ويوضح لهم العقائد الفاسدة والمناهج المبتدعة والوسائل المحدثة التي تضر بالضروريات الخمس ـ الدِّين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال ـ وأصول الديانة ، ورحمه الله الإمام ابن القيم إذ يقول :
 (( وَكَانَ بعض السّلف الصَّالح يَقُول يا له من دين لَو أن لَهُ رجَالًا )) ([13])
والحمد لله رب العالمين

كتبه وقيده الفقير إلى الله : بشير بن عبدالقادر بن سلة الجزائري

([1]) تحفة المجيب ( ص 229)
([2]) تحفة المجيب ( ص 231 ـ 234)
([3]) انظر إلى هذه البضاعة الكاسدة التي يروجها أهل الضلال للطعن في علماء السنة وتشويه سمعتهم عند الخاصة والعامة مع أن الواقع يكذبها ، كما هو حال إمامنا وقدوتنا ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ورعاه ـ ، فكم رموه بهذه الفرية المميعة والحدادية مع إن واقعه وجهاده للإخوان يكذبها .
([4]) فتاوى الشيخ الألباني ( 1/22) لعكاشة عبدالمنان
([5]) وهذا بخلاف ما عليه إذاعة القرآن الكريم وإذاعة ميراث الأنبياء السلفية التي تستضيف مشايخ السنة والجماعة وتلقي معهم اللقاءات والندوات العلمية ، فالمشايخ فيها يتكلمون براحتهم ويجبون على أسئلة السائلين من غير المضايقة ولا المعاكسة من طرف المذيع أو المنشط ، ويبينون فيها الدعوة السلفية بأتم الوضوح .
([6]) ليس من الفائدة أن أذكر اسمه فالشهرة التي كان يسعى إليها قصمت ظهره وأخمدت ذكره وفضحته حتى أصبح منبوذا متروكا في الساحة السنية العلمية الدعوية ، وهذا مصير كل من أراد أن يسلك مسلكه فمآله إلى ما وصل إليه ذلك الرجل ، رزقك الله يا أيها القارئ الكريم ثياب العافية والسلامة والتواضع واحترام الحق وأهله .
([7]) الآداب الشرعية والمنح المرعية (2/ 48)
([8]) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/ 329)
([9]) جامع بيان العلم وفضله (1/ 452)
([10]) شرح أصول الاعتقاد ( 1/119)
([11]) جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس (ص: 110)
([12]) شرح كتاب فضل علم السلف على علم الخلف (ش 4 ـ س 1 ـ د 38 )
([13]) مفتاح دار السعادة (1/ 309)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق