(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)
الحمد لله رب العالمين أمر بالاجتماع والائتلاف ونهى عن التفرق والاختلاف وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ذوي العدل والإنصاف وسلم تسليما كثير
أما بعد
أيها الناس اتقوا لله جل وعلا واعلموا أن الله سبحانه أمرنا بالاجتماع والائتلاف فقال سبحانه وتعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً)،
قال سبحانه: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)،
فبين سبحانه أن الاجتماع رحمة وأن الفرقة هلاك وعذاب فقال سبحانه:
(وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ)،
لا يزال الخلق مختلفين إلا من رحم الله فإنهم لم يختلفوا فدل على أن الاجتماع رحمة (إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ)،
فدل على أن الاجتماع رحمة وأن الفرقة عذاب وشقاء وتناحر وتخاصم وتقاتل وعداوات وثارات
أما الاجتماع فإنه رحمة، رحمة من الله يتراحم بها المؤمنون ويجتمعون على طاعة الله
وأما الكفار والمنافقون (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى)،
فالاجتماع ليس بالأبدان فقط وإنما الاجتماع بالقلوب هو اجتماع القلوب ولو تفرقت الأبدان وأما إذا اجتمعت الأبدان والقلوب متفرقة فإن هؤلاء لا يعقلون ولا ينفهم اجتماعهم كما لم ينفع الكفار والمنافقين من قبل
الاجتماع على القيادة الواحدة ووحدة الكلمة بين الأمة والرعية الاجتماع على الكتاب والسنة
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ)، الذي هو الكتاب والسنة هو حبل الله المتين فاعتصموا به ولا تحيدوا عنه (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً)، ثم قال: (وَلا تَفَرَّقُوا)،
(وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)،
وصف النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بأنهم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ووصف أنهم "كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"،
هكذا المسلمون وإذا حصل اختلاف في الرأي أو خصومة في مال أو غير ذلك فإننا نتاحكم إلى كتاب الله وسنة رسوله (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)،
هذا علاج النزاع والخصام فيما بيننا لأن الله أنزل الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه فالله أنزل الكتاب ليحكم بيننا
(وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ)،
قال: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ)، كذلك إذا حصل اختلاف أو نزاع فإن الواجب علينا الإصلاح بين المتخاصمين قال سبحانه:
(لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)،
فالإصلاح أمر عظيم
.
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/14357
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق